حمل الرئيس حسني مبارك الحكومة المسؤولية الكاملة عن أزمة الخبز التي باتت خطراً يهدد الأمن لاجتماعي في مصر التي يعتمد نحو 80% من مواطنيها على شراء الخبز المدعوم.
ورأس مبارك اجتماعاً وزارياً - هو الثاني في غضون عشرة أيام - لمناقشة الأزمة التي أدت إلى مقتل مواطنين وجرح العشرات في اشتباكات خلال محاولاتهم الحصول على الخبز في طوابير تمتد لساعات.
وحضر الاجتماع رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ووزراء الدفاع المشير حسين طنطاوي والتنمية الإدارية الدكتور أحمد درويش والإسكان أحمد المغربي والتضامن علي المصيلحي والصحة والسكان الدكتور حاتم الجبلي ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي.
وقالت جريدة الحياة ان الرئيس مبارك ضاق بهذه المشكلة التي طرحت الحكومة خيارات عدة لحلها، إلا أنها تزداد حدة يوما بعد يوم، وهو ما يوفر للمعارضة فرصة لانتقاد سياسات الحكومة ليس من باب الديموقراطية أو حقوق الإنسان هذه المرة، ولكن عبر القول ان الحكومة فشلت في توفير لقمة العيش للمواطن.
وشدد على المسؤولية الكاملة للحكومة ودور المحافظين باعتبار أنهم الأدرى بأوضاع محافظاتهم وسبل معالجة هذا الموضوع المهم على مستوى المحليات.
ونقل الناطق باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد عن مبارك قوله خلال الاجتماع ان الاحتياطات النقدية في البنك المركزي ارتفعت إلى مستوى لم تصل إليه من قبل، وهي تكفي لاستيراد حاجة مصر من السلع الغذائية، كما أن مخصصات الدعم تمت زيادتها ومتوافرة وكذلك الاستيراد يتوالى، فأين المشكلة إذاً؟.
واستمع مبارك إلى تقرير حول المشكلة من رئيس الوزراء والوزراء المختصين، خصوصاً وزير التضامن الاجتماعي.
وذكر التقرير أن ظاهرة ارتفاع أسعار السلع الغذائية باتت عالمية لأسباب عدة منها ارتفاع أسعار البترول وكلفة الشحن.
وأوضح المصيلحي أن ارتفاع أسعار هذه السلع يأتي نتيجة لاستخدام غالبيتها، مثل القمح وقصب السكر والذرة في استخراج الوقود الحيوي بعد ارتفاع أسعار البترول، فرد الرئيس قائلاً: على رغم أن هذه الظاهرة عالمية، فإنها ينبغي أن لا تمس حياة المواطن المصري خصوصاً الفئات محدودة الدخل رغيف الخبز لا بد من أن يتاح للمصريين وتختفي ظاهرة طوابيره.
وقال عواد إن مبارك أوضح أنه لو كانت المشكلة في الإنتاج فلابد من زيادته، وإن كانت المشكلة في التوزيع فلابد من زيادة منافذه.
وانتقد تأخر تنفيذ مشروع فصل إنتاج الخبز عن توزيعه، وهو المشروع الذي تبناه وزير التضامن قبل شهور، مطالباً بتعميم المشروع في كل المحافظات في أسرع وقت ممكن.
وتحدث رئيس مجلس الوزراء ووزير التضامن الاجتماعي عن خطة الحكومة لفصل الإنتاج عن التوزيع خلال ثلاثة شهور، فعلق الرئيس بأن هذه الفترة أطول مما يتطلع إليه.
وقال: أنا أتطلع إلى اختفاء طوابير رغيف الخبز قريباً.
واقترح الرئيس مبارك الاستعانة بجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة والمخابز التابعة لوزارة الداخلية، مؤكداً أن الاعتمادات المالية تم تخصيصها لزيادة الدعم وبالتالي فإن المشكلة هي مشكلة إدارة ورقابة ومحاسبة.
وقال مبارك لوزرائه إن فصل الإنتاج عن التوزيع هو الطريق للقضاء على تهريب الدقيق المدعم وبيعه في السوق السوداء الذي يحقق أرباحاً طائلة للمستفيدين من هذا التهريب، والفارق الضخم بين هذه الأرباح غير المشروعة وبين الأرباح المشروعة تمثل دعوة مفتوحة للفساد والسرقة والتهريب.
وأشار إلي أن سعر طن الدقيق المدعوم رسميا الذي يسلم للمخابز بــ16 جنيها فقط يباع بــ260 جنيها عن طريق التهريب وأكد الرئيس مبارك مسئولية الحكومة والمحافظين باعتبار أنهم الأكثر دراية بأوضاع محافظاتهم.
وأكد الرئيس مسؤولية الحكومة في هذا الصدد وقال: هي مسؤولية تضامنية تتضمن اتخاذ إجراءات تكفل الإسراع بفصل الإنتاج عن التوزيع وزيادة الإنتاج ما دامت مخصصاته متوافرة والاستيراد يتم والقمح والدقيق متوافران، إضافة إلى زيادة منافذ التوزيع ودور آخر تقوم به الحكومة من خلال وزارة الداخلية ومباحث التموين بإحكام الرقابة والمحاسبة على عمليات التهريب التي يشجع عليها الفارق الكبير في الأسعار.
وكان وزير التضامن الاجتماعي علي المصيلحي قال يوم الجمعة الماضي ان جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بدأ بانشاء 10 مجمعات كبري لانتاج الخبز المدعوم في اقليم القاهرة الكبري، الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
واضاف المصيلحي ان الطاقة الانتاجية لكل مجمع ستكون ما بين 12 الي 24 خط انتاج وتعمل علي مدار الساعة.
وتابع ان القوات المسلحة ستقوم بتسليم وزارة التضامن 500 منفذ لبيع الخبز، ستتولي وزارة التضامن من خلالها توزيعه علي أحياء القاهرة.
وكانت الحكومة قد تعهدت الأسبوع الماضي باستمرار دعمها للخبز وسط انتقادات لها بسبب أزمة زيادة أسعار السلع الغذائية ومنها الخبز وشح المعروض منه في بعض المناطق الفقيرة.
ويأتي اللجوء الي الجيش للمساعدة في توفير الخبز وسط أزمة حادة تواجهها المخابز المدعومة من الدولة في توفير المعروض حيث تكتظ هذه المخابز بأعداد كبيرة من الناس الذين يقفون في طوابير منذ الصباح الباكر في محاولة للحصول علي حاجتهم من الخبز المدعوم من الحكومة.
وأوردت الصحف المحلية تقارير عن مشادات وحوادث تحصل أثناء انتظار المواطنين لدورهم في الحصول علي أرغفة الخبز، ومنها ما أدي الي مقتل تسعة مواطنين مؤخرا اثناء انتظارهم في طوابير الخبز، بمشاجرات استخدم في بعضها اسلحة نارية، حسبما ذكرت جريدة القدس العربي.
كما ازدادت أسعار الخبز غير المدعوم من الدولة بنسبة بلغت أحياناًَ 50%.
وتقول الحكومة انها وفرت 17 مليار جنيه مؤخرا لحل الأزمة.
واعتبر مراقبون ان قرار مبارك يشير الي ان ازمة الخبر ربما وصلت الي حد خطير قد يهدد بانفجار اجتماعي.
وتنفق الدولة مليارات الجنيهات لدعم الدقيق، في محاولة لتوفير الخبز المدعم الذي زاد الطلب عليه أخيراً بسبب تضاعف سعر الخبز غير المدعم، ما دفع كثيرين إلى الاعتماد عليه، خصوصاً أن معدلات التضخم بلغت 12 في المئة، وبدت تبعاتها في ارتفاع حاد في أسعار السلع والخدمات، وهي مشكلة ملحة تؤرق الغالبية العظمى من المصريين ذوي الدخول المنخفضة أصلاً.